فضل وأحكام التعقيب

ختام به الإتمام

في التعقيب

 

وتحقيق القول فيه يقع في مواضع:

(الاول) في معناه قال في القاموس: التعقيب الجلوس بعد الصلاة للدعاء. وقال في المصباح المنير والتعقيب في الصلاة الجلوس بعد قضائها لدعاء أو مسألة. وقال الجوهري: التعقيب في الصلاة الجلوس بعد ان تقضيها


[ 506 ]

لدعاء أو مسألة. ونحوه قال ابن فارس في الجمل. وفي النهاية الاثيرية: فيه ” من عقب في صلاته فهو في صلاة ” اي اقام في مصلاه بعد ما يفرغ من الصلاة. وكلام اهل اللغة كما ترى متفق الدلالة على دخول الجلوس في مفهومه. ونقل عن بعض فقهائنا انه فسره بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر وما اشبه ذلك ولم يذكر الجلوس، ولعل المراد بما اشبه ذلك نحو قراءة القرآن. وهل مجرد الجلوس بعد الصلاة من غير اشتغال بما ذكر تعقيب ؟ ظاهر عبارة النهاية ذلك. وقال شيخنا البهائي في الحبل المتين: لم اظفر في كلام اصحابنا (قدس الله ارواحهم) بكلام شاف في ما هو حقيقة التعقيب شرعا بحيث لو نذر التعقيب لانصرف إليه ولو نذر لمن هو مشتغل بالتعقيب في الوقت الفلاني لاستحق المنذور إذا كان مشتغلا به فيه، وقد فسره بعض اللغويين كالجوهري وغيره بالجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة. وهذا يدل بظاهره على ان الجلوس داخل في مفهومه وانه لو اشتغل بعد الصلاة بالدعاء قائما أو ماشيا أو مضطجعا لم يكن ذلك تعقيبا، وفسره بعض فقهائنا بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر وما اشبه ذلك ولم يذكر الجلوس، ولعل المراد بما اشبه الدعاء والذكر البكاء من خشية الله تعالى والتفكر في عجائب مصنوعاته والتذكر لجزيل آلائه وما هو من هذا القبيل. وهل يعد الاشتغال بمجرد تلاوة القرآن بعد الصلاة تعقيبا ؟ لم اظفر في كلام الاصحاب بتصريح في ذلك والظاهر انه تعقيب، اما لو ضم إليه الدعاء فلا كلام في صدق التعقيب على المجموع المركب منهما، وربما يلوح ذلك من بعض الاخبار. وربما يظن دلالة بعضها على اشتراط الجلوس في التعقيب كما روى عن امير المؤمنين (عليه السلام) (1) انه قال ” قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ايما امرء مسلم جلس في مصلاه الذي صلى فيه الفجر يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس كان له من الاجر كحاج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وغفر له فان جلس فيه حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة فصلى ركعتين


(1) الوسائل الباب 18 من التعقيب


[ 507 ]

أو اربعا غفر له ما سلف وكان له من الاجر كحاج بيت الله ” وما روى عن الصادق عن آبائه عن امير المؤمنين عليهم السلام) (1) قال: ” من صلى فجلس في مصلاه الى طلوع الشمس كان له سترا من النار ” وغيرهما من الاخبار المتضمنة للجلوس بعد الصلاة. والحق انه لا دلالة فيها على ذلك بل غاية ما تدل عليه كون الجلوس مستحبا ايضا اما انه معتبر في مفهوم التعقيب فلا، وقس عليه عدم مفارقة مكان الصلاة. وفى رواية الوليد ابن صبيح عن ابي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: ” التعقيب ابلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد. يعني بالتعقيب الدعاء بعقب الصلاة ” وهذا التفسير اعني تفسير التعقيب بالدعاء عقيب الصلاة لعله من الوليد بن صبيح أو من بعض رجال السند واكثرهم من اجلاء. اصحابنا وهو يعطي باطلاقه عدم اشتراطه بشئ من الجلوس والكون في المصلى والطهارة واستقبال القبلة وهذه، الامور انما هي شروط كما له. فقد ورد ان المعقب ينبغي ان يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة والتورك، واما ما رواه هشام بن سالم (3) قال: ” قلت لابي عبد الله (عليه السلام) اني اخرج في الحاجة واحب ان اكون معقبا ؟ فقال ان كنت على وضوء فانت معقب ” فالظاهر ان مراده (عليه السلام) ان لمستديم الوضوء مثل ثواب المعقب لا انه معقب حقيقة. وهل يشترط في صدق اسم التعقيب شرعا اتصاله بالصلاة وعدم الفصل الكثير بينه وبينها ؟ الظاهر نعم وهل يعتبر في الصلاة كونها واجبة أو تحصل حقيقة التعقيب بعد النافلة ايضا ؟ اطلاق التفسيرين السابقين يقتضي العموم وكذا اطلاق رواية ابن صبيح وغيرها، والتصريح بالفرائض في بعض الروايات لا يقتضي تخصيصها بها والله العالم. انتهى كلامه زيد مقامه. وقال الشهيد في الذكرى: قد ورد ان المعقب يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة وفي التورك وان ما يضر بالصلاة يضر بالتعقيب. انتهى.


(1) الوسائل الباب 18 من التعقيب (2) الوسائل الباب 1 من التعقيب (3) الوسائل الباب 17 من التعقيب


[ 508 ]

اقول: ويشير إليه ما ورد في الاخبار (1) – كما سيأتي ان شاء الله في المقام – ان من سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) قبل ان يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ” وما ورد ايضا (2) قال: ” من قال في دبر صلاة الفريضة قبل ان يثنى رجليه استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي.. الحديث ” وسيأتي ان شاء الله، إلا انه يمكن حمله على الفرد الاكمل منه. وبالجملة فانه لا ريب في تحققه بالجلوس مشتغلا بالدعاء والمسألة والذكر دبر الصلاة وانما الشك في اشتراطه بالشروط المذكورة من الاستقبال والطهارة والتورك والجلوس بحيث لا يصدق مع الاخلال بشئ منها. وقال شيخنا المجلسي في البحار: وربما احتمل بعض الاصحاب كون محض الجلوس بعد الصلاة بتلك الهيئة تعقيبا وان لم يقرأ دعاء ولا ذكرا ولا قرآنا. وهو بعيد بل الظاهر تحقق التعقيب بقراءة شئ من الثلاثة بعد الصلاة أو قريبا منها عرفا على اي حال كان والجلوس والاستقبال والطهارة من مكملاته. نعم ورد في بعض التعقيبات ذكر بعض تلك الشرائط كما سيأتي فيكون شرطا فيها بخصوصها في حال الاختيار وان احتمل ان يكون فيها ايضا من المكملات ويكون استحبابه فيها اشد منه في غيرها. والافضل والاحوط رعاية شروط الصلاة فيه مطلقا مع الامكان. انتهى كلامه (زيد مقامه) وهو جيد. واشار بقوله ” نعم ورد في بعض التعقيبات.. ” الى ما ذكرنا من الخبرين ونحوهما. وقال الشهيد في الرسالة النفلية: ” ووظائفه عشرة: الاقبال عليه بالقلب والبقاء على هيئة التشهد وعدم الكلام – اي قبله وخلاله كما ذكره في الشرح – والحدث بل الباقي على طهارته معقب وان انصرف، وعدم الاستدبار وعدم مزايلة المصلي اي مفارقته وكل مناف صحة الصلاة أو كمالها. قال في الشرح هذا كله من وظائف الكمال وإلا فانه يتحقق بدونها. انتهى. والله العالم.


(1) الوسائل الباب 7 من التعقيب (2) الوسائل الباب 24 من التعقيب


[ 509 ]

(الثاني) في فضله، قد دلت الآية واستفاضت الرواية بالحث عليه وما فيه من مزيد النفع في الدين والدنيا: قال الله تعالى: ” فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب ” (1) قال في مجمع البيان (2): معناه فإذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب الى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة. عن مجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل والكلبي، وهو المروي عن ابي جعفر وابي عبد الله (عليهما السلام). وقال الصادق (عليه السلام) هو الدعاء في دبر الصلاة وانت جالس. انتهى. وروى في دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) (3) انه قال في قول الله عزوجل: فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب قال: ” الدعاء بعد الفريضة اياك ان تدعه فان فضله بعد الفريضة كفضل الفريضة على النافلة “. وروى في قرب الاسناد عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله (عليه السلام) (4) قال: ” كان ابي يقول في قول الله تعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب: فإذا قضيت الصلاة بعد ان تسلم وانت جالس فانصب في الدعاء من امر الدنيا والآخرة فإذا فرغت من الدعاء فارغب الى الله (عزوجل) ان يتقبلها منك ” وروى في الكافي عن بزرج عمن ذكره عن ابي عبد الله (عليه السلام) (5) قال: ” من صلى صلاة فريضة وعقب الى اخرى فهو ضيف الله وحق على الله تعالى ان يكرم ضيفه “. وروى في الكافي والفقيه في الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) (6) قال: ” الدعاء بعد الفريضة افضل من الصلاة تنفلا ” وزاد في الفقيه


(1) سورة الشرح، الآية 7 و 8 (2) ج 5 ص 509 (3) مستدرك الوسائل الباب 1 من التعقيب (4) و (5) الوسائل الباب 1 من التعقيب (6) الوسائل الباب 5 من التعقيب


[ 510 ]

” وبذلك جرت السنة “. قيل: لعل المراد بالتنفل غير الرواتب لانها اهم من التعقيب كما مر بيانه، انه لا راتبة بعد فريضة إلا نافلة المغرب وقد مضى انه لا ينبغي تركها في سفر ولا حضر. انتهى. وهو جيد. وروى الشيخ في الصحيح عن الوليد بن صبيح عن ابي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: ” التعقيب ابلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد. يعني بالتعقيب الدعاء بعقب الصلاة “. اقول: المراد بالضرب في البلاد السفر للتجارة مع ما ورد (2) ” ان تسعة اعشار الرزق في التجارة ” ومع ذلك فالتعقيب ابلغ منها في طلبه، ولعل ذلك لان التاجر يتكل على طلبه وسعيه وجده واجتهاده والمعقب انما يتكل على الله تعالى وقد ورد (3) ” ان من كان لله كان الله له “. وروى في الفقيه مرسلا (4) قال: ” قال الصادق (عليه السلام) الجلوس بعد صلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس ابلغ في طلب الرزق من الضرب في الارض “. وروى في التهذيب عن عبد الله بن محمد عن ابي عبد الله (عليه السلام) (5) قال: ” ما عالج الناس شيئا اشد من التعقيب ” قيل. المعالجة المزاولة والمداواة فكأن المراد انهم لا يزاولون عملا اشق عليهم منه، أو المراد انه لا دواء انفع لادوائهم منه. وروى السيد الزاهد المجاهد رضي الدين بن طاووس في كتاب فلاح السائل باسناده الى محمد بن علي بن محبوب عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) (6) قال:


(1) و (5) الوسائل الباب 1 من التعقيب (2) الوسائل الباب 1 من مقدمات التجارة (3) البحار ج 18 الصلاة ص 412 (4) الوسائل الباب 18 من التعقيب (6) مستدرك الوسائل الباب 1 من التعقيب


[ 511 ]

” قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جلس في مصلاه ثانيا رجله وكل الله به ملكا فقال له ازدد شرفا تكتب لك الحسنات وتمحى عنك السيئات وتثبت لك الدرجات حتى تنصرف ” وروى في كتاب دعائم الاسلام مثله (1) إلا ان فيه ” ثانيا رجليه “. وروى في التهذيب مسندا عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) (2) ان امير المؤمنين (عليه السلام) ورواه في الفقيه (3) مرسلا ” ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال إذا فرغ احدكم من الصلاة فليرفع يديه الى السماء ولينصب في الدعاء ؟ فقال ابن سبأ يا امير المؤمنين أليس الله بكل مكان ؟ قال (عليه السلام) بلى. قال فلم يرفع يديه الى السماء ؟ قال أو ما تقرأ: ” وفي السماء رزقكم وما توعدون ” (4) فمن اين يطلب الرزق إلا من موضعه، وموضع الرزق وما وعد الله السماء ” قيل المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر لانه سبب الاقوات، وما توعدون اي من الثواب لان الجنة فوق السماء السابعة أو لان الاعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء، والحاصل انه لما كان تقدير الرزق واسبابه في السماء والمثوبات الاخروية وتقديرها في السماء ناسب رفع اليد إليها في طلب الامور الدنيوية والاخروية في التعقيب وغيره. وابن سبا هذا هو الذي كان يزعم ان امير المؤمنين (عليه السلام) اله فاستتابه امير المؤمنين ثلاثة ايام فلم يتب فاحرقه (5).


(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من التعقيب (2) و (3) الوسائل الباب 29 من التعقيب (4) سورة الذاريات، الآية 22 (5) قال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة: عبد الله سبأ غال ملعون احرقه امير المؤمنين ” ع ” بالنار، كان يزعم ان عليا ” ع ” إله وانه نبى. وفى تنقيح المقال ج 2 ص 183 عن الشيخ الطوسى في باب اصحاب امير المؤمنين ” ع “: عبد الله بن سبأ الذي رجع الى الكفر واظهر الغلو. وفى رجال الكشى ص 70 ” ان الائمة ” ع ” يبرأون منه لانه كان يدعى النبوة ويزعم ان عليا ” ع ” هو الله فاستتابه ثلاثة ايام فلم يرجع فاحرقه بالنار واحرق سبعين رجلا ادعوا =


[ 512 ]

وروى الصدوق في الفقيه في الصحيح عن هشام بن سالم (1) قال: ” قلت


= فيه ذلك ” وذلك مضمون ما رواه بطرقه عن السجاد والباقر والصادق ” عليهم السلام ” وهو خمس روايات. وقد نقل في الوسائل اثنتين منها في الباب 2 من حد مرتد. اقول: ان هذه الروايات الواردة عن أئمة اهل البيت ” عليهم السلام ” والكلمات الصادرة من اعلام الشيعة دليل قاطع وبرهان ساطع على سخط أئمة الشيعة واعلامهم على هذا الرجل وانهم يبرأون منه لكفره وغلوه بل بعض الروايات تصرح – كما في كلام الكشى – بان عليا ” ع ” احرق سبعين رجلا ادعوا فيه ذلك، مما يدل على تنفيذ حكم الاعدام فيه وفى كل من قال بمقالته. ولا يخفى ان المقارنة بين الرواية المتقدمة في المتن وهذه الروايات الخمس تقتضي ان هذا الانحراف كان في زمان متأخر عن المحاورة بينه وبين الامام ” ع ” التى اشتملت عليها الرواية. ومع هذا كله فقد وجد اعداء الشيعة في هذه الشخصية خير وسيلة لتحطيم مذهب الشيعة الذي تأسس وتكون على ضوء قول الله تعالى في سورة المائدة ” انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” وقول النبي ” ص ” في حديث الغدير ” من كنت مولاه فهذا على مولاه ” بعد قوله ” ص ” ” ألست اولى بالمؤمنين من انفسهم ” وقول المسلمين ” اللهم بلى ” وقوله ” ص ” ” على مع الحق والحق مع على يدور معه حيثما دار ” وقوله ” ص ” لعلى ” ع ” ” انت منى بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبى بعدي ” الى غير ذلك مما يدل على المطلوب، ووجدوا فيه خير وسيلة لتشويه مذهب اهل البيت ” ع ” الذين انزل الله فيهم آية التطهير واوصى النبي ” ص ” بالتمسك بهم وقرنهم بالقرآن في حديث الثقلين، فجعلوه المؤسس لمذهب التشيع والمبتدع لاصوله واعتبروه مأخوذا من اليهود، فالكشى – بعد ان حكى عن اهل العلم ان عبد الله بن سبأ كان يهوديا فاسلم ووالى عليا ” ع ” وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصى موسى ” ع ” الغلو فقال في اسلامه بعد وفاة رسول الله ” ص ” في على ” ع ” مثل ذلك وكان اول من اشهر بالقول بفرض امامة علي ” ع ” واظهر البراءة من اعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم – قال ” فمن هنا قال من خالف الشيعة ان اصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية ” وقد تصدى المؤرخون لهذا الامر كالطبري وابن عساكر = (1) الوسائل الباب 17 من التعقيب


[ 513 ]

لابي عبد الله (عليه السلام) اني اخرج في الحاجة واحب ان اكون معقبا ؟ فقال ان


– وابن الاثير وابى الفداء وابن كثير، وملخص ما ذكروه في هذه القصة – كما في مدخل كتاب عبد الله بن سبأ للعلامة الاستاذ السيد مرتضى العسكري ص 2 – ان يهوديا من صنعاء اليمن يسمى عبد الله بن سبأ ويلقب بابن الامة السوداء اظهر الاسلام في عصر عثمان واندس بين المسلمين واخذ يتنقل في حواضرهم وعواصم بلادهم. الشام والكوفة والبصرة ومصر مبشرا بان للنبى ” ص ” رجعة كما ان لعيسى بن مريم رجعة وان عليا ” ع ” هو وصى محمد ” ص ” كما كان لكل نبى وصى وان عليا خاتم الاوصياء كما كان محمد ” ص ” خاتم الانبياء وان عثمان غاصب هذا الحق وظالمه فيجب مناهضته لارجاع الحق الى اهله، وانه بث في البلاد الاسلامية دعانه واشار عليهم ان يظهروا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر والطعن في الامراء وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين فيهم الصحابي الكبير والتابعي الصالح كابى ذر وعمار بن ياسر ومحمد بن ابى حذيفة وعبد الرحمان بن عديس ومحمد بن ابى بكر وصعصعة ابن صوحان ومالك الاشتر الى غيرهم من ابرار المسلمين واخيارهم، وان الثورة ضد عثمان كانت بتحريض السبأيين وانهم حينما رأوا ان رؤساء الجيشين في حرب الجمل اخذوا يتفاهمون اجتمعوا ليلا وقرروا ان يندسوا بين الجيشين ويثيروا الحرب بكرة دون علم غيرهم ونفذوا هذا القران قبل ان يتنبه الجيشان وان حرب الجمل وقعت هكذا دون ان يكون لرؤساء الجيشين فيها رأي أو علم. الى هنا تنتهى القصة ولا يذكر بعد ذلك عن مصيرهم شئ. وقد جاء المتأخرون من اعداء الشيعة فطبلوا وزمروا لما كتبه اسلافهم فهذا السيد رشيد رضا يقول في كتاب السنة والشيعة ص 4 – 6 ” كان التشيع للخليفة الرابع على بن ابى طالب ” ع ” مبدأ تفرق هذا الامة المحمدية في دينها وفى سياستها وكان مبتدع اصوله يهوديا اسمه عبد الله بن سبأ اظهر الاسلام خداعا ودعا الى الغلو في على ” ع ” لاجل تفريق هذه الامة وافساد دينها ودنياها عليها ” ثم يسرد القصة الى ص 6 من كتابه ويعلق عليها بما يهوى. وهذا احمد امين يقول في فجر الاسلام ص 136: ” وتلمح وجه شبه بين رأي ابى ذر الغفاري وبين رأي مزدك في الناحية المالية فقط.. الى ان يقول ولكن من اين اتاه هذا الرأى ؟ يحدثنا الطبري عن جواب هذا السؤال فيقول ان ابن السوداء لقى اباذر فاوعز إليه ذلك ” ثم ذكر في ص 311 و 313 و 330 ما يوافق مقالة صاحبه المتقدم =


[ 514 ]

كنت على وضوء فانت معقب “.


= وهذا الدكتور حسن ابراهيم حسن يذكر في كتابه تاريخ الاسلام السياسي ص 347 مثل ذلك وهكذا المستشرقون. هذا. وان كل من تعرض لهذه القصة من المؤرخين والباحثين ما عدا ابن عساكر اخذ هذه القصة من الطبري وان الطبري وابن عساكر اخذاها من سيف بن عمر التميمي البرجمى الكوفي فكل هذا البناء يبتنى على هذا الاساس اذن فلننظر الى قيمة هذا الاساس واعتباره، تصرح كتب الرجال في ترجمة سيف بن عمر بما يلي: ” يروى عن خلق كثير من المجهولين. ضعيف الحديث. ليس بشئ. متروك يضع الحديث. وهو في الرواية ساقط. يروى الموضوعات عن الثقاة. عامة حديثه منكر. متهم بالوضع والزندقة ” راجع فهرست ابن النديم ص 137 وميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 438 رقم 3581 وتهذيب التهذيب ج 4 ص 295 نقلا عن جماعة من علماء الرجال كأبن معين وابى حاتم وابى داود النسائي والدارقطني وابن عدى وابن حيان وعباس بن يحيى وغيرهم. فانظر ايها المنصف وتأمل في هذا المنطق الذي يسوغ الاقدام على هذه العظائم والطعن بكبار الصحابة والتابعين والحط من مقامهم بهذه القصة التى يقصها سيف بن عمر الذى ليست له اية قيمة عند علماء الرجال بل صرحوا بوضعه الحديث وزيدقته، كل ذلك لاضاعة الحقائق والتمويه على البسطاء والسذج من الناس. هذا. ومن العجيب ان التأريخ الذي يصور شخصية عبد الله بن سبأ بهذه الصورة حتى اوصلها الرقم القياسي في التأثير على عواطف المسلمين وآرائهم وانتزاع عقائدهم ينهى قصته الى حيث تقدم من اثارة حرب الجمل وبجهل كل شئ عنها بعد ذلك. وقال احمد امين في هامش ص 330 من فجر الاسلام: ” يذهب بعض الباحثين الى ان عبد الله بن سباء رجل خرافي ليس له وجود تاريخي محقق ولكنا لم نر لهم من الادلة ما يثبت مدعاهم ” والظاهر انه يقصد الدكتور طه حسين. هذا. وقد بحث العلامة الاستاذ السيد مرتضى العسكري دامت بركاته الموضوع بحثا وافيا وشرحه شرحا ضافيا وكشف الستار عن حقيقة احاديث سيف بن عمر التى بنى عليها المؤرخون والباحثون القضايا التاريخية المهمة في مدخل كتابه عبد الله بن سبأ ومن قبله آية الله الاميني فقد اوضح قيمة تاريخ الطبري وغيره في الغدير ج 8 ص 324 (جزاهما الله عن الحق واهله خير الجزاء) وكل ما تقدم في هذه التعليقة من المصادر مأخوذ من كتاب عبد الله بن سبأ فيرجع في التفصيل إليه.


[ 515 ]

وقال في الفقيه (1) قال الصادق (عليه السلام) المؤمن معقب ما دام على وضوئه ” وروى الصدوق في المجالس بسنده عن عمير بن مأمون العطاردي (2) قال: ” رأيت الحسن بن علي (عليه السلام) يقعد في مجلسه حين يصلي الفجر حتى تطلع الشمس وسمعته يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول من صلى الفجر ثم جلس في مجلسه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ستره الله عزوجل من النار ستره الله من النار ستره الله من النار “. وروى العياشي في تفسيره عن الحسين بن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام) (3) قال: ” قلت له جعلت فداك انهم يقولون ان النوم بعد الفجر مكروه لان الارزاق تقسم في ذلك الوقت ؟ فقال الارزاق موظوفة مقسومة ولله فضل بقسمه من طلوع الفجر الى طلوع الشمس وذلك قوله: ” واسألوا الله من فضله ” (4) ثم قال وذكر الله بعد طلوع الفجر ابلغ في طلب الرزق من الضرب في الارض ” الى غيرذلك من الاخبار.

(الثالث) – قد استفاضت الاخبار بالحث على تسبيح فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وفضله في التعقيب، قال في المنتهى: افضل الاذكار كلها تسبيح الزهراء (سلام الله عليها) وقد اجمع اهل العلم كافة على استحبابه. والاخبار من طرقنا وطرق المخالفين (5) ايضا متكاثرة إلا انها لا تخلو من


(1) الوسائل الباب 17 من التعقيب (2) الوسائل الباب 18 من التعقيب (3) مستدرك الوسائل الباب 16 من التعقيب (4) سورة النساء، الآية 36 (5) رواه البخاري في صحيحه ج 1 باب الذكر بعد الصلاة، ومسلم في صحيحه ج 2 ص 97 و 98 طبعة محمد علي صبيح إلا ان في بعض رواياتهم ” ثلاث وثلاثون ” في الثلاثة فيكون المجموع تسعا وتسعين، وفى بعضها تمام المائة ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ” وفى بعضها التكبير اربع وثلاثون وفى بعضها المجموع ثلاث وثلاثون ولم يعنون في شئ منها بتسبيح فاطمة ” ع “. نعم في ارشاد الساري ج 6 ص 112 باب –


[ 516 ]

الاختلاف في ترتيبه فالواجب اولا سوق جملة من الاخبار الواردة فيه ثم الكلام بما يرفع التنافي بينها في المقام وما وقفنا عليه في ذلك من كلام علمائنا الاعلام: فمن الاخبار المشار إليها ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) عن ابي عبد الله (عليه السلام) إلا ان ثقة الاسلام والشيخ روياه في الصحيح عن عبد الله بن سنان (1) قال: ” قال أبو عبد الله (عليه السلام) من سبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) قبل ان يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له، ويبدأ بالتكبير “. وروى في الكافي عن عبد الرحمان بن ابي نجران عن رجل عن ابي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: ” من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة المائة مرة واتبعها بلا إله إلا الله مرة غفر الله له “. وعن ابي هارون المكفوف عن ابي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: ” يا ابا هارون انا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة فلزمه فانه لم يلزمه عبد فشقي “. وعن صالح بن عقبة عن عقبة عن ابي جعفر (عليه السلام) (4) قال: ” ما عبد الله بشئ من التحميد افضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شئ افضل منه لنحله رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) ” وعن ابي خالد القماط (5) قال: ” سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول تسبيح


= مناقب على ” ع ” ذكر حديث عائشة وفيه ان النبي ” ص ” قال لفاطمة وعلى (ع): ” إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا اربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثا وثلاثين وتحمدا ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم ” ثم قال القسطلانى: في هذه الحديث منقبة ظاهرة لعلي وفاطمة ” ع ” ورواه احمد في المسند ج 1 ص 96 ومسلم في صحيحة ج 8 ص 84. (1) و (2) الوسائل الباب 7 من التعقيب (3) الوسائل الباب 8 من التعقيب (4) و (5) الوسائل الباب 9 من التعقيب


[ 517 ]

فاطمة (ع) في كل يوم في دبر كل صلاة احب الي من صلاة الف ركعة في كل يوم “. وعن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: ” تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الذكر الكثير الذي قال الله تعالى: ” اذكروا الله ذكرا كثيرا ” (2). وعن محمد بن عذافر في الصحيح (3) قال: ” دخلت مع ابي على ابي عبد الله (عليه السلام) فسأله ابي عن تسبيح فاطمة (عليها السلام) فقال ” الله اكبر ” حتى احصى اربعا وثلاثين مرة ثم قال ” الحمد لله ” حتى بلغ سبعا وستين ثم قال ” سبحان الله ” حتى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة “. وعن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) (4) قال في تسبيح فاطمة (عليها السلام): ” تبدأ بالتكبير اربعا وثلاثين ثم التحميد ثلاثا وثلاثين ثم التسبيح ثلاثا وثلاثين ” وعن هشام بن سالم عن ابي عبد الله (عليه السلام) (5) قال: ” تسبيح فاطمة (عليها السلام) إذا اخذت مضجعك فكبر الله اربعا وثلاثين واحمده ثلاثا وثلاثين وسبحه ثلاثا وثلاثين.. الحديث “. ونقل في البحار (6) عن مشكاة الانوار قال: ” دخل رجل على ابي عبد الله (عليه السلام) وكلمه فلم يسمع كلام ابي عبد الله (عليه السلام) وشكى إليه ثقلا في اذينه فقال ما يمنعك واين انت من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ؟ فقال له جعلت فداك وما تسبيح فاطمة ؟ فقال تكبر الله اربعا وثلاثين وتحمد الله ثلاثا وثلاثين وتسبح الله ثلاثا


(1) الوسائل الباب 8 من التعقيب (2) سورة الاحزاب، الآية 41 (3) و (4) الوسائل الباب 10 من التعقيب (5) الوسائل الباب 12 من التعقيب (6) ج 18 الصلاة ص 415 وتمام الحديث هكذا: ” فما فعلت ذلك إلا يسيرا حتى اذهب عنى ما كنت اجده “.


[ 518 ]

وثلاثين تمام المائة “. وروى الشيخ في التهذيب عن المفضل بن عمر عن ابي عبد الله (عليه السلام) (1) في حديث نافلة شهر رمضان قال: ” سبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) وهو الله اكبر اربعا وثلاثين مرة وسبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة فو الله لو كان شئ افضل منه لعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) اياها “. وروى في الفقيه في الصحيح عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم (2) قال: ” قال أبو جعفر (عليه السلام) إذا توسد الرجل يمينه فليقل: بسم الله.. الى ان قال ثم يسبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام).. “. وروى في الفقيه مرسلا عن امير المؤمنين (عليه السلام) (3) ” انه قال لرجل من بني سعد ألا احدثك عني وعن فاطمة (عليها السلام) ؟ انها كانت عندي.. ثم ساق الحديث الى ان قال فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفلا اعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا اخذتما منامكما فكبرا اربعا وثلاثين تكبيرة وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة.. الحديث “. وروى في الكافي عن داود بن فرقد عن اخيه (4) ” ان شهاب بن عبد ربه سأله ان يسأل ابا عبد الله (عليه السلام) وقال قل له ان امرأة تفزعني في المنام بالليل فقال قل له اجعل مسباحا وكبر الله اربعا وثلاثين تكبيرة وسبح الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة واحمد الله ثلاثا وثلاثين تحميدة وقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وله اختلاف الليل والنهار وهو على كل شئ قدير (عشر مرات) ” اقول: المسباح ما يسبح به ويعد به الاذكار.


(1) الوسائل الباب 10 من التعقيب (2) و (4) الوسائل الباب 12 من التعقيب (3) الفقيه ج 1 ص 211، والوسائل الباب 11 من التعقيب


[ 519 ]

وفي كتاب الفقه الرضوي (1) ” وتسبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهو اربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة “. إذا عرفت ذلك فاعلم ان ظاهر الاصحاب الاتفاق على تقديم التكبير وانما الخلاف في تقديم التحميد على التسبيح أو العكس فالمشهور الاول. قال في المختلف: المشهور في تسبيح الزهراء (عليها السلام) تقديم التكبير ثم التحميد ثم التسبيح، ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة وسلار وابن البراج وابن ادريس. وقال علي بن بابويه يسبح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهو اربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة. وهو يشعر بتقديم التسبيح على التحميد، وكذا قال ابنه أبو جعفر وابن الجنيد والشيخ في الاقتصاد. انتهى. وقال شيخنا البهائي في مفتاح الفلاح: اعلم ان المشهور استحباب تسبيح الزهراء (عليها السلام) في وقتين احدهما بعد الصلاة والآخر عند النوم، وظاهر الرواية الواردة به عند النوم يقتضي تقديم التسبيح على التحميد، وظاهر الرواية الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء (عليها السلام) على الاطلاق يقتضى تأخيره عنه. ولا بأس ببسط الكلام في هذا المقام وان كان خارجا عن موضوع الكتاب فنقول: قد اختلف علماؤنا في ذلك مع اتفاقهم على الابتداء بالتكبير لصراحة صحيحة ابن سنان عن الصادق (عليه السلام) (2) في الابتداء به، فالمشهور الذي عليه العمل في التعقيبات تقديم التحميد على التسبيح، وقال رئيس المحدثين وابوه وابن الجنيد بتأخيره عنه، والروايات عن أئمة الهدى (عليهم السلام) لا تخلو بحسب الظاهر من اختلاف، والرواية المعتبرة التي ظاهرها تقديم التحميد شاملة باطلاقها لما يفعل بعد الصلاة وما يفعل عند النوم وهي ما رواه شيخ الطائفة في التهذيب بسند صحيح عن محمد بن عذافر، ثم ساق الحديث كما تقدم ثم قال والرواية التي ظاهرها تقديم التسبيح على التحميد مختصة بما يفعل عند النوم، ثم اورد


(1) ص 9 (2) ص 516


[ 520 ]

عن الفقيه رواية علي وفاطمة (عليهما السلام) واوردها بطولها – ونحن قدمنا (1) موضع الحاجة منها – ثم قال ولا يخفى ان هذه الرواية غير صريحة في تقديم التسبيح على التحميد فان الواو لا تفيد الترتيب وانما هي لمطلق الجمع على الاصح كما بين في الاصول، نعم ظاهر التقديم اللفظي يقتضي ذلك وكذا الرواية السابقة غير صريحة في تقديم التحميد على التسبيح فان لفظ ” ثم ” فيها من كلام الراوي فلم يبق إلا ظاهر التقديم اللفظي ايضا فالتنافي بين الروايتين انما هو بحسب الظاهر، فينبغي حمل الثانية على الاولى لصحة سندها واعتضادها ببعض الروايات الضعيفة كما رواه أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) ثم ساق الرواية المتقدمة (2) ثم قال: وهذه الرواية صريحة في تقديم التحميد على التسبيح فهي مؤيدة لظاهر لفظ الرواية الصحيحة فتحمل الرواية الاخرى على خلاف ظاهر لفظها ليرتفع التنافى بينهما كما قلنا (فان قلت) يمكن العمل بظاهر الروايتين معا بحمل الاولى على الذي يفعل بعد الصلاة والثانية على الذي يفعل عند النوم، وحينئذ لا يحتاج الى صرف الثانية عن ظاهرها فلم عدلت عنه وكيف لم تقل به ؟ (قلت) لاني لم اجد قائلا بالفرق بين تسبيح الزهراء (عليها السلام) في الحالين بل الذي يظهر بعد التتبع ان كلا من الفريقين القائلين بتقديم الحمد وتأخيره قائل به مطلقا سواء وقع بعد الصلاة أو قبل النوم، فالقول بالتفصيل احداث قول ثالث في مقابل الاجماع المركب. واما ما يقال – من ان احداث القول الثالث انما يمتنع إذا لزم منه رفع ما اجمعت عليه الامة كما يقال في رد البكر الموطوءة بعيب مجانا لاتفاق الكل على عدمه بخلاف ما ليس كذلك كالقول بفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون بعض لموافقة كل من الشطرين في شطر، وكما نحن فيه إذ لا مانع منه مثل القول بصحة بيع الغائب وعدم قتل المسلم بالذمي بعد قول احد الشطرين بالثاني ونقيض الاول والشطر الثاني بعكسه – فجوابه ان هذا التفصيل انما


(1) ص 518 (2) ص 517


[ 521 ]

يستقيم على مذهب العامة (1) اما على ما قرره الخاصة من ان حجية الاجماع مسببة عن كشفه عن دخول المعصوم فلا، إذ المخالفة حاصلة وان وافق القائل كلا من الشطرين في شطر، وقس عليه مثال البيع والقتل. انتهى. اقول: ان ما ذكره – من الطعن على صحيحة محمد بن عذافر من انها غير صريحة في تقديم التحميد على التسبيح فان لفظ ” ثم ” من كلام الراوي – طريف فانه لا ريب في انه وان كان لفظ ” ثم ” من كلام الراوي لكن الراوي حكى فعل الامام (عليه السلام) لبيان كيفية التسبيح التي سأل عنها ابوه ولا ريب ان فعله (عليه السلام) في بيان الكيفية حجة ظاهرة في الترتيب على النحو المذكور في الخبر كما في الوضوء البياني ونحوه. واما ما ذكره – من عدم امكان الجمع بين اخبار المسألة بحمل اخبار تقديم التحميد على ما كان بعد الصلاة واخبار تقديم التسبيح على ما كان عند النوم من حيث مخالفة الاجماع المركب – فضعيف والاجماع على تقدير حجيته غير ثابت، وهذا الجمع جيد لو لم يرد تقديم التسبيح في اخبار التعقيب ايضا اما مع وروده كما قدمنا ذكره في رواية المفضل بن عمر (2) المروية في تعقيب نوافل شهر رمضان، وكذا ورد تقديم التحميد في اخبار النوم كما في رواية هشام بن سالم المتقدمة نقلا (3) وهذا هو المانع من الحمل المذكور لا ما ذكره (قدس سره) بناء على اقتصاره على الروايات التي نقلها حيث لم يصل اطلاعه الى غيرها. وبالجملة ان صحيحة محمد بن عذافر ورواية ابي بصير ظاهرتان بل صريحتان في القول المشهور وهما مطلقتان لا تخصيص فيهما بحال الصلاة بل اطلاقهما شامل للحالين، ويعضدهما رواية هشام بن سالم وان كان موردها النوم ورواية كتاب المشكاة وهي مطلقة


(1) وهو ان الاجماع حجة بما هو اجماع، راجع اصول الفقه لابي زهرة ص 189 (2) ص 518 (3) ص 517


[ 522 ]

واما الروايات الاخر الدالة بظاهر الترتيب الذكرى على تقديم التسبيح في حال النوم – كما في خبر علي وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) وكذا خبر شهاب بن عبد ربه أو تعقيب الصلاة كما في خبر المفضل – فالجواب عنها ممكن من وجوه: (احدها) عدم صراحة العطف بالواو في الدلالة على الترتيب وان كان ظاهر الترتيب الذكرى ذلك إلا انه ينبغي ان يحمل على الاخبار الاخر المعتضدة بصحة الاسناد وشهرة القول به بين الطائفة المحقة جمعا بين الاخبار. و (ثانيها) القول بالتخيير مطلقا. و (ثالثها) حمل هذه الاخبار على التقية (1) ويؤيده ان حديث علي مع فاطمة الزهراء (عليهما السلام) وان رواه في الفقيه مرسلا عن علي (عليه السلام) إلا ان ظاهر سنده في العلل (2) ان رجاله انما هم من العامة (3) وابن الاثير في نهايته قد شرح جملة من الفاظه. وروى الشيخ أبو علي ابن الشيخ الطوسي عن حمويه عن ابي الحسين عن ابي خليفة عن محمد بن كثير عن شعبة عن الحكم عن ابن ابي ليلى عن كعب بن عجرة (4)


(1) اختلفت اخبار العامة في الكيفية ففى بعضها تقديم التسبيح على التحميد والتحميد على التكير وفى بعضها تقديم التسبيح على التكبير والتكبير على التحميد وفى بعضها تقديم التحميد على التسبيح والتسبيح على التكبير، راجع كنز العمال ج 1 ص 116 وصحيح البخاري باب الذكر بعد الصلاة وعمدة القارئ ج 3 ص 198 وصحيح مسلم ج 2 ص 97 و 98 طبعة محمد على صبيح. نعم في حديث على وفاطمة الزهراء ” ع ” المتقدم في التعليقة 5 ص 515 و 516 عن ارشاد الساري وصحيح مسلم تقديم التكبير على التسبيح والتسبيح على التحميد كما في رواية الفقيه. (2) الوسائل الباب 11 من التعقيب (3) تقدم في التعليقة 5 ص 515 نقل هذا الحديث من ارشاد السارى وغيره (4) مستدرك الوسائل الباب 8 من التعقيب، وقال فيه بعد نقل الرواية: ” قلت كذا في نسختي ونسخة الحار والظاهر انه سقط من الاصل قوله: ” ويسبح ثلاثا وثلاثين ” كما يظهر من كتب العامة وان عكسوا الاذكار ” ثم نقله من مصابيح البغوي من الصحاح عن كعب بن عجرة. اقول رواه مسلم في صحيحة ج 2 ص 98 طبعة محمد على صبيح –


[ 523 ]

قال: ” معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن: يكبر اربعا وثلاثين ويحمد ثلاثا وثلاثين ” قال السيد رضي الدين بن طاووس في فلاح السائل رأيت في تأريخ نيشابور في ترجمة رجاء ابن عبد الرحيم ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ” معقبات.. ” وذكر نحوه. قال في البحار (1) رواه العامة عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمان بن ابي ليلى عن كعب بن عجرة (2) مثله إلا انهم قدموا في روايتهم التسبيح على التحميد والتحميد على التكبير ولذا قالوا بهذا الترتيب، قال في شرح السنة اخرجه مسلم (3) ثم نقله عن الآبي في اكمال الكمال وشرح لفظ ” معقبات “. وبالجلمة فانه لما كان القول المشهور بين الطائفة المعتضد بالاخبار المتقدمة هو تقديم التكبير ثم التحميد ثم التسبيح فلو سلمنا صراحة المخالف في المخالفة فالظاهر انه لا محمل له إلا التقية لموافقته لرواياتهم ولا سيما ان طريق الخبر المذكور رجالهم، ونقل الصدوق له في الفقيه بناء على صحته عنده لا ينافي الحمل على التقية. ثم العجب هنا من صاحب المدارك حيث قال: وربما ظهر من كلام ابن بابويه


– هكذا: عن كعب بن عجرة عن رسول الله ” ص ” قال: ” معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن: ثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة واربع وثلاثون تكبيرة في دبر كل صلاة ” ولا يخفى ان ظاهر المستدرك والمتن ان هذا القول لكعب بن عجرة حيث لم يسند الى رسول الله ” ص ” فيهما وكذا في البحار ج 18 الصلاة ص 414 إلا ان فيه نقل هذا الحديث عن فلاح السائل كما ان السند فيه هكذا ” عن حمويه عن ابى خليفة.. ” كما في المتن وفى المستدرك بعد قوله ” ابن الشيخ الطوسى في مجالسه عن ابيه ” هكذا: ” عن ابى عبد الله محمد بن على بن حمويه عن ابى خليفة.. ” وفى البحار ايضا الاذكار الثلاثة مذكورة في الحديث. هذا كله في طبعة الكمبانى من البحار. والتوضيح لهذه التعليقة والتعليقة ” 2 ” في الاستدراكات (1) ج 18 الصلاة ص 414 (2) سند هذا الحديث ليس فيه ” شعبة ” في صحيح مسلم. نعم الحديث المتقدم في التعليقة ” 5 ” ص 515 يرويه ” شعبة ” عن الحكم إلا ان ابن ابى ليلى يرويه عن على ” ع ” لا عن كعب (3) ج 2 ص 98 طبعة محمد على صبيح


[ 524 ]

تقديم التسبيح على التحميد ولم نقف على مأخذه، مع ما عرفت من كثرة الاخبار الواردة به في الكتب الاربعة وغيرها. وكيف كان فالعمل على القول المشهور كما عرفت. فائدة الافضل ان يكون التسبيح بالتربة الحسينية (على مشرفها افضل الصلاة والتحية) لما ذكره في كتاب المصباح (1) قال: ” روى عن الصادق (عليه السلام) انه قال من ادار الحجر من تربة الحسين (عليه السلام) فاستغفر به مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة وان امسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبع مرات “. وروى الشيخ عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري (2) قال: ” كتبت الى الفقيه (عليه السلام) اسأله هل يجوز ان يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل ؟ فأجاب – وقرأت التوقيع ومنه نسخت – يسبح به فما من شيئ من السبح افضل منه، ومن فضله ان المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك التسبيح “. وقال ابن بابويه في الفقيه (3) وقال – يعني الصادق (عليه السلام) -: ” السجود على طين قبر الحسين (عليه السلام) ينور الى الارضين السبع ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) كتب مسبحا وان لم يسبح بها ” والتسبيح بالاصابع افضل منه بغيرها لانها مسؤلات يوم القيامة. انتهى. اقول: الظاهر ان قوله: ” والتسبيح بالاصابع.. الخ ” من كلام الصدوق وعلى تقديره فهو محل نظر فان هذه العلة لا تستلزم افضلية التسبيح بالاصابع على التسبيح بالسبحة سيما مع ما عرفت من الخبرين المذكورين.


(1) الوسائل الباب 16 من التعقيب (2) الوسائل الباب 75 من المزار (3) الوسائل الباب 16 من ما يسجد عليه


[ 525 ]

قال في مكارم الاخلاق على ما نقله في البحار (1) من مسموعات السيد ابي البركات المشهدي روى ابراهيم بن محمد الثقفي ” ان فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات فكانت (عليها السلام) تديرها بيدها تكبر وتسبح الى ان قتل حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء (رضي الله عنه) فاستعملت تربته وعملت المسابيح فاستعملها الناس فلما قتل الحسين (عليه السلام) عدل بالامر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية ” وفى كتاب الحسن بن محبوب ” ان ابا عبد الله (عليه السلام) سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين (عليه السلام) والتفاضل بينهما فقال (عليه السلام) السبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبح بيد الرجل من غير ان يسبح ” وروى ” ان الحور العين إذا بصرن بواحد من الاملاك يهبط الى الارض لامر ما يستهدين منه السبح والترب من طين قبر الحسين (عليه السلام) ” وروى عن الصادق (عليه السلام) ” انه من ادارها مرة واحدة بالاستغفار أو غيره كتب الله له سبعين مرة وان السجود عليها يخرق الحجب السبع “. انتهى. وروى في الاحتجاج (2) قال: ” كتب الحميري الى القائم (عجل الله فرجه) يسأله هل يجوز ان يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل ؟ فأجاب (عليه السلام) يسبح به فما من شئ من التسبيح افضل منه ومن فضله ان الرجل ينسى التسبيح ويدبر السبحة فيكتب له التسبيح. وسئل هل يجوز ان يدبر السبحة بيده اليسرى أو لا يجوز ؟ فأجاب يجوز ذلك والحمد الله “. الرابع – في نبذة مما يستحب بعد كل صلاة، ومنه رفع اليدين بالتكبير ثلاثا:


(1) ج 18 الصلاة ص 415 وفى الوسائل الباب 16 من التعقيب (2) ص 277 وفى الوسائل الباب 16 من التعقيب


[ 526 ]

روى الصدوق في العلل بسنده عن المفضل بن عمر (1) قال: ” قلت لابي عبد الله (عليه السلام) لاي علة يكبر المصلي بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه ؟ فقال لان النبي (صلى الله عليه وآله) لما فتح مكة صلى باصحابه الظهر عند الحجر الاسود فلما سلم رفع يديه وكبر ثلاثا وقال: ” لا إله إلا الله وحده وحده انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وغلب الاحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ” ثم اقبل على اصحابه وقال لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة فان من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول كان قد ادى ما يجب عليه من شكر الله على تقوية الاسلام وجنده ” ورواه في فلاح السائل بسنده عن المفضل (2). وروى فيه باسناده عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) (3) قال: ” إذا سلمت فارفع يديك بالتكببر ثلاثا “. قال في الذكرى: قال الاصحاب يكبر بعد التسليم ثلاثا رافعا بها يديه كما تقدم ويضعها في كل مرة الى ان تبلغ فخذية أو قريبا منهما. وقال المفيد يرفعهما حيال وجهه مستقبلا بظاهرهما وجهه وبباطنهما القبلة ثم يخفض يديه الى نحو فخذيه وهكذا ثلاثا. انتهى. وما رواه في الكافي في الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) (4) قال قال: ” لا تنسوا الموجبتين – أو قال عليكم بالموجبتين – في دبر كل صلاة. قلت وما الموجبتان ؟ قال تسأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار “. وعن داود العجلي مولى ابي المغرا (5) قال: ” سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول ثلاث اعطين سمع الخلائق: الجنة والنار والحور العين، فإذا صلى العبد وقال: ” اللهم اعتقني من النار وادخلني الجنة وزوجني من الحور العين ” قالت النار يا رب ان


(1) الوسائل الباب 14 من التعقيب (2) و (3) مستدرك الوسائل الباب 12 من التعقيب والوافى باب ” ما يقال بعد كل صلاة ” (4) و (5) الوسائل الباب 22 من التعقيب


[ 527 ]

عبدك قد سألك ان تعتقه مني فاعتقه وقالت الجنة يا رب ان عبدك قد سألت اياي فاسكنه وقالت الحور العين يا رب ان عبدك قد خطبنا اليك فزوجه منا، فان هو انصرف من صلاته ولم يسأل الله تعالى شيئا من هذا قالت الحور العين ان هذا العبد فينا لزاهد وقالت الجنة ان هذا العبد في لزاهد وقالت النار ان هذا العبد بي لجاهل “. وروى في الخصال بسنده عن عائذ الاحمسي عن ابي عبد الله (عليه السلام) (1) قال: ” اربعة اعطوا سمع الخلائق: النبي (صلى الله عليه وآله) والحور العين والجنة والنار فما من عبد يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) أو يسلم عليه إلا بلغه ذلك وسمعه، وما من احد قال: ” اللهم زوجني من الحور العين ” إلا سمعنه وقلن يا ربنا ان فلانا قد خطبنا اليك فزوجنا منه، وما من احد يقول: ” اللهم ادخلني الجنة ” إلا قالت الجنة اللهم اسكنه في، وما من احد يستجير بالله من النار إلا قالت النار اللهم اجره مني ” وبهذا المضمون اخبار عديدة. ومنه – ما رواه في الكافي عن يعقوب بن شعيب عن ابي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: ” لما امر الله تعالى هذه الآيات ان يهبطن الى الارض تعلقن بالعرش وقلن اي رب الى اين تهبطنا الى اهل الخطايا والذنوب ؟ فأوحى الله تعالى اليهن ان اهبطن فوعزتي وجلالي لا يتلوكن احد من آل محمد (صلى الله عليه وآله) وشيعتهم في دبر ما افترضت عليه إلا نظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة اقضي له مع كل نظرة سبعين حاجة وقبلته على ما فيه من المعاصي، وهي ام الكتاب و ” شهد الله انه لا إله إلا هو.. ” وآية الكرسي وآية الملك “. ومنه – ما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن بكير (3) قال: ” قلت لابي عبد الله


(1) الوسائل الباب 22 من التعقيب (2) الوسائل الباب 23 من التعقيب (3) الوسائل الباب 15 من التعقيب. وكلمة ” اولها ” في الوافى فقط


[ 528 ]

(عليه السلام) قول الله عزوجل ” اذكروا الله ذكرا كثيرا ” (1) ماذا الذكر الكثير ؟ قال: اولها ان تسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مرة “. وعن ابي بصير (2) قال: ” قال أبو عبد الله (عليه السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لاصحابه ذات يوم أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ثم وضعتم بعضه على بعض أترونه يبلغ السماء ؟ قالوا لا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال يقول احدكم إذا فرغ من صلاته ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ” ثلاثين مرة وهن يدفعن الهدم والغرق والحرق والتردي في البئر واكل السبع وميتة السوء والبلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم “. وروى الصدوق في المجالس في الصحيح عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: ” من صلى صلاة مكتوبة ثم سبح في دبرها ثلاثين مرة لم يبق على بدنه شيئ من الذنوب إلا تنائر “. وروى في خبر آخر في الكتاب المذكور عن الحارث بن المغيرة النصري (4) قال: ” سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول من قال: ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ” اربعين مرة في دبر كل صلاة فريضة قبل ان يثنى رجليه ثم سأل الله اعطي ما سأل “. ومنه – ما رواه ثقة الاسلام في الكافي عن الحسين بن نوير وابي سلمة السراج (5) قال: ” سمعنا ابا عبد الله (عليه السلام) وهو يلعن في دبر كل مكتوبة اربعا من الرجال واربعا من النساء: فلان وفلان وفلان – ويسميهم – ومعاوية وفلانة وفلانة وهندا وام الحكم اخت معاوية “.


(1) سورة الاحزاب، الآية 41 (2) و (3) و (4) الوسائل الباب 15 من التعقيب (5) الوسائل الباب 19 من التعقيب


[ 529 ]

وباسناده عن جابر عن ابي جعفر (عليه السلام) (1) قال: ” إذا انحرفت عن صلاة مكتوبة فلا تنحرف إلا بانصراف لعن بني امية “. وما رواه الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب مرسلا عن امير المؤمنين (عليه السلام) (2) انه قال: ” من احب ان يخرج من الدنيا وقد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه ولا يطلبه احد بمظلمة فليقل في دبر كل صلاة نسبة الرب تبارك وتعالى اثنتى عشرة مرة ثم يبسط يديه فيقول: ” اللهم اني اسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك واسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم ان تصلي على محمد وآل محمد يا واهب العطايا يا مطلق الاسارى يا فكاك الرقاب من النار اسألك ان تصلي على محمد وآل محمد وان تعتق رقبتي من النار تخرجني من الدنيا آمنا وتدخلني الجنة سالما وان تجعل دعائي اوله فلاحا واوسطه نجاحا وآخره صلاحا انك انت علام الغيوب ” ثم قال امير المؤمنين (عليه السلام) هذا من المخبيات مما علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامرني ان اعلمه الحسن والحسين (عليهما السلام) ” وفي الفقيه (3) ” في دبر الصلوات الخمس ” ورواه الصدوق في معاني الاخبار في الصحيح عن ابراهيم بن هاشم واحمد بن محمد بن عيسى معا عن علي بن الحكم عن ابيه عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين (عليه السلام) (4) كما هنا إلا انه قال ” الطاهر الطهر ” وقال بعد قوله ” القديم “: يا واهب العطايا يا مطلق الاسارى يا فكاك الرقاب من النار صل على محمد وآل محمد وفك رقبتي من النار واخرجني من الدنيا آمنا وادخلني الجنة سالما واجعل دعائي.. الى آخر ما هنا. ومنه ما رواه في قرب الاسناد عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد


(1) الوسائل الباب 19 من التعقيب (2) و (3) الوسائل الباب 29 من التعقيب (4) ص 46 وفى الوسائل الباب 29 من التعقيب


[ 530 ]

البزنطي (1) قال: ” قلت للرضا (عليه السلام) كيف الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دبر المكتوبة وكيف السلام عليه ؟ فقال (عليه السلام) تقول السلام عليك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا امين الله اشهد انك رسول الله واشهد انك محمد بن عبد الله واشهد انك قد نصحت لامتك وجاهدت في سبيل ربك وعبدته حتى اتاك اليقين فجزاك الله يا رسول (صلى الله عليه وآله) افض ما جزى نبيا عن امته اللهم صل على محمد وآل محمد افضل ما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد “. ومنه – ما قال في الفقه الرضوي (2): إذا فرغت من صلاتك فارفع يديك وانت جالس فكبر ثلاثا وقل: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له انجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده واعز جنده وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيئ قدير ” وتسبح بتسبيح فاطمة لزهراء (عليها السلام) وهو اربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة ثم قل: اللهم انت السلام ومنك السلام ولك السلام واليك يعود السلام سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وتقول السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على الائمة الراشدين المهديين من آل طه ويس. تم تدعو بما بدا لك من الدعاء بعد المكتوبة. انتهى. ومنه – ما رواه في التهذيب من سلام المكي عن ابي جعفر (عليه السلام) (3) قال: ” اتى رجل الى النبي (صلى الله عليه وآله) يقال له شيبة الهذيل فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) اني شيخ قد كبر سني وضعفت قوتي عن عمل كنت قد عودته


(1) الوسائل الباب 24 من التعقيب (2) ص 9 (3) ج 1 ص 164 وفى الوسائل الباب 24 من التعقيب


[ 531 ]

نفسي من صلاة وصيام وحج وجهاد فعلمني يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلاما ينفعني الله به وخفف علي يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال اعد فاعاد ثلاث مرات فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما حولك شجرة ولا مدرة إلا وقد بكت من رحمتك، فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات ” سبحان الله العظيم وبحمده لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ” فان الله يعافيك بذلك من العمى والجنون والجذام والفقر والهرم. فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا للدنيا فما للاخرة ؟ فقال تقول في دبر كل صلاة: ” اللهم اهدني من عندك وافض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وانزل علي من بركاتك ” قال فقبض عليهن بيده ثم مضى فقال رجل لابن عباس ما اشد ما قبض عليها خالك. قال فقال (صلى الله عليه وآله) اما انه ان وافى بها يوم القيامة لم يدعها متعمدا فتح الله له ثمانية ابواب من ابواب الجنة يدخل من ايها شاء ” قيل: المراد بقبضهن عدهن بالاصابع وضمها لهن. اقول: الظاهر حمله على ظاهره ويكون ذلك مبالغة في حفظة لهذه الكلمات كأنها من قبيل شيئ وضع في يده فضم عليه بيده. وقيل في قوله ” خالك ” اي صاحبك يقال انا خال هذا الفرس اي صاحبه، وقيل يحتمل ان يكون عبد الله بن عباس منتسبا من جانب الام الى هذيل. الى غير ذلك مما هو مذكور في مظانه من اراده فليطلبه منها. قد تم المجلد الاول (1) من كتاب الصلاة من الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة ويتلوه ان شاء الله تعالى في المجلد الثاني المقصد الثاني في ما يلحق الصلاة من قواطعها وسهوها وشكوكها.


(1) هذا بحسب تقسيم المصنف ” قدس سره ” وبتقسيمنا قد تم الجزء الثامن ويتلوه الجزء التاسع والحمد لله اولا وآخرا.